الأحد، ٦ أبريل ٢٠٠٨

الجزء الثالث :عبده فى زيارة لأهله فالأرياف


مانسيش عبده الميت ألف ريال اللى دفعهم غرامة وكان ده السبب اللى خلاه مخنوق ومش طايق يكلم حد، ده حتى يوم راح شركته وقالهم شوفوا شغلكوا وخلاص عشان انا هاخد أجازة كده كام يوم أفك عن نفسى شوية.وسافر عبده على بلدهم اللى بقاله أكثر من خمس سنين ماشفهاش، بلد عبده كانت (كفر المرابعين) فى كفر الشيخ بلد أهلها طيبين زى صاحبنا عبده-عانانياتهم- عبده كان رايح عشان حاجتين أولاً لأنه بقاله كتير ماشفش الحاجة أم الخير أمه اللى مشفهاش من سنتين من ساعة أخر مرة زارته فيها فى أوضته أيام ماكان قهوجى ، ثانيا عبده عزم الأمر أنه يبنى بيت كبير وأرض زراعية ويكمل نص دينه ويبعد شوية عن حلمه ويحاول ينسى أيام الفقر الطويلة ويتنغنغ شوية بالملايين. دخل عبده البيت القديم اللى نصه معمول من الخشب القديم والنص التانى من الطوب اللبن ، ده بيت عم سيد المنيلاوى بتاع الدخان الله يرحمه ، لم يطرق عبده الباب ودخل على طول فوجد أمه ترقد على الكنبة الخشب التى لا يغطيها سوى الحصير وأمه صانعه من يديها مخده، دمعت عيناه لوهله ولام نفسه أنه كيف نسى أمه الغلبانة لمدة شهران من ساعة ما أصبح ملونير. مسح دموعه ودخل على أمه ولم يوقظها بل جلس بجانب الكنبة على الأرض منتظراً أن تصحو من تلقاء نفسها. وبعد وهلة صحوت الأم ونظرت لتجد أمامها أبنها الوحيد عبده ، أبتسمت الأم وحضنت أبنها سريعا وقالت فى نغمة فرحة فى صوتها: حبيبى يابنى، أخيرا جيت تشوف أمك ، ولم تنس أن تقبله على وجنتيه ، وبعدها لاحظت على أبنها الملابس الفخمة وظهرت على وجهها علامات الدهشة والإستغراب وقالت إيه الألاجة دى يا وله ، الظاهر ربنا فتحها عليك. فرد: دى بركة دعاكى يا ست الكل الحمد لله ابنك دلوقتى بقى واحد تانى وبقى معايا فلوس كتير اوى يامه وهاتعيش عيشة تانية خالص يا أم عبده. تجشم وجه الأم سريعاً وقالت فى صوت أجش: الفلوس دى حلال يا ولدى؟ أمك لا يمكن تعيش بفلوس حرام أبدا. وبادرها بالقول: اه طبعا ياما حلال امال ايه ، هو انت برضه تشكى فى تربيه ابنك برضه. ولم يمر إسبوع حتى أشترى عبده الأرض وأمر ببناء البيت الكبير والغريب أن كل الأمهات يرفضن أن ينتقلن خارج بيوتهن ولكن أم عبده وافقت بدون نقاش.وفى أول يوم لعبده وأمه فالبيت الكبير وأمام التلفاز وهما جالسان على الأرض تاركين الكنب والكراسى ، سأل عبده والدته: مش عايزه تفرحى بإبنك يامه؟ ، قالت: خير ياولدى طبعا حد يكره الفرح لولده؟ ، فقال والأبتسامة تعلو وجهه: أَمَهَ انا عايز اتجوز وقولت أخد بنت من بنات بلدى متربية أحسن من بنات مصر يعنى. قامت الأم فى عجل وأطلق عدة زغاريط فى جميع أرجاء المنزل ولم تكن لتهمد لولا أن أسكتها عبده وقال: يعنى موافقة يامه؟ فردت: طبعا يا عبده ، الحمد لله إنى عشت وأشوفك متجوز ياوله ، ألا قولى انت حاطط عينك على بت من بنات البلد؟ ، فقال: إزاى بس يامه أنا بقال أكتر من خمس سنين ماجتش البلد لاعرف البنات بقى شكلهم ازاى ولا أعرف مين اللى اتجوز ولا مين ماتجوزش؟ فقالت الأم والإبتسامة تغزو شفتيها: عروستك عندى ياوله ، فرد بلفهة: هى مين يامه؟ قالت: فاكر البت جميلة بت حسين أبو الليل؟ قال بأسلوب إستنكار: حسين أبو الليل بياع الدخان؟ ده راجل رزل وعمره ماقال كلمة حلوة لحد ، أينعم البت جميلة وهى صغيرة كانت زى فلقة القمر بس أبوها ده بنى آدم ماينفعش يتناسب. فردت الأم والأبتسامة مازلت على وجهها: لا يا وله حسين مات من سنتين خلاص والمسؤول عن البت وعليتها دلوقتى خالها عاصم ، أصل أعمامها ماصدقوا أن حسين مات فخدوا نصيبهم من الميراث وهجوا على مصر، يعنى الطريق خالى قدامك يا وله. فقال وظهرت الإبتسامة على وجهه من جديد: عندك حق يامه ، وكمان عاصم ده كان راجل صح وكان صاحبى ياما لعبنا سوا زمان ده حتى الناس كانوا فاكرين أنه أخوها الكبير مش خالها لأنه كان أصغر أخوات أمها وسنه قريب من سنها، على العموم يامه روحى بكره عندهم وجسى النبض وشوفى كده إذا كان فى حد متكلم عليها ولا حاجة. وذهبت أم الخير تانى يوم وكان عبده فالبيت الجديد يمشى ذهابا وأيابا من القلق منتظرا لأمه يريد أن يعرف موقفه فالجوازة دى ، وبعد فترة قصيرة كانت عنده طويلة جدا ، سمع عبده جرس الباب فجرى للباب وفتح لأمه وقبل أن تخطو خطوة داخل البيت بادر بالسؤال : ها يامه ايه الأخبار؟ طمنينى. فقالت: هه إستنى يابنى لما أخد نفسى . فقال : ها يامه قولى ماتعمليش فيا كده. فنظرت له فى عينيه بإبتسامه وقالت: ألف مبروك عليك جميلة يا عبده. فقام عبده وقبل أمه وجرى فى أنحاء البيت ويقول: هاتجوز.. هاتجوز.. ياهوووو.. هاتجوز.. هاتجوز. ضحكت الأم بعلو صوتها وقالتله بصوت عالى لأنه كان بعيد عنها: هانروحلهم يوم الخميس عشان نقرا الفاتحة ، ولم يتوقف عبده عن ابداء فرحته بالجرى والقفز وكمل قائلاً : الفاتحة.. هاتجوز.. هاتجوز.. الفاتحة.. ياهوو لولولولولى.
(( الجزء الرابع : عبده فالخطوبة وكتب الكتاب))